كنبت النهار
لم تمض الأربع والعشرون ساعة أولى على انتخاب الرئيس العماد جوزف عون وشروعه في نشاطه الرسمي في قصر بعبدا حتى “انبرت” له أولى تحديات العهد المتمثلة في معالم مواجهة سياسية عاجلة حول تكليف الشخصية التي ستشكل الحكومة الجديدة. معالم المواجهة سابقت تصاعد الترددات والأصداء الإيجابية الواسعة لخطاب القسم الذي ألقاه الرئيس المنتخب والذي قوبل بموجة ترحيب تصاعدية خارجيا وداخليا على السواء . ولعل مضمون هذا الخطاب المتقدم والواعد باسترداد هيبة الدولة بكل معايير الهيبة هو نفسه الذي شكل ضمنا الحافز الأساسي لتصاعد الأصوات المنادية بان يكون استحقاق التكليف ومن ثم التآليف على قدر التطلعات الكبيرة لخطاب القسم بدءا بتكليف شخصية غير تقليدية.
وتزامنت المؤشرات الأولية للمواجهة حول استحقاق التكليف مع اول اجراء مبكر أعلنته رئاسة الجمهورية بعد تسلم الرئيس عون مهماته بتحديد يوم الاثنين المقبل موعدا لجدول الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديد . وإذ بدأت تردد معالم تمسك الثنائي الشيعي بداية وربما اخرين بإعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل أولى حكومات العهد الجديد ارتفعت في المقابل أصداء اندفاع المعارضة السابقة والموالاة الحديثة التي شكلت الأكثرية التي انتخبت الرئيس جوزف عون بتغيير رئيس الحكومة وكان المبادر الأول الى ذلك رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي رشح مساء الخميس وبعد ساعات من انتخاب عون كلا من النائبين اللواء اشرف ريفي وفؤاد مخزومي لتولي للتكليف بتشكيل الحكومة . واستتبع ذلك باعلان النائب ريفي امس إنه مرشح لرئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة، معتبرا أن الرئيس نجيب ميقاتي “جزء من المنظومة السابقة التي يرفضها الجميع”. كما ان النائب ميشال دويهي اعتبر ان “عودة نجيب ميقاتي هي انقلاب على خطاب القسم من جهة وعلى أحلام اللبنانيين بغد افضل من جهة أخرى”. وأعلن النائب ميشال ضاهر أنه يريد شخصا لرئاسة الحكومة يتفاهم مع رئيس الجمهورية جوزف عون، لافتا الى أنه “من يرتاح له الاخير بالتعاطي سيسميه”. وقال ضاهر:”نحن بحاجة لشخص خارج الطبقة السياسية وجوزف عون قال لي لا اريد ان آتي مكبلاً على رئاسة الجمهورية واهنئه على ذلك”.
وينتظر ان تتبلور حتى صباح الاثنين صورة اتجاهات الكتل النيابية من مسالة التكليف في ظل الاتصالات والمشاورات التي بدأت لإنجاز هذا الاستحقاق .
وكان الرئيس المنتخب استهل اول أيام عمله في قصر بعبدا باستقبال رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وشكره على “الجهود التي بذلها وأعضاء الحكومة خلال فترة الشغور الرئاسي”، وطلب منه “الإستمرار في تصريف الأعمال الى حين تشكيل حكومة جديدة”. وقال ميقاتي علي الأثر “بحثنا في العمل الذي تحقق في الفترة الماضية، والتي قامت الحكومة خلالها بتصريف الاعمال. وخلال سنتين وشهرين منذ انتهاء عهد فخامة الرئيس ميشال عون، عقدت 60 جلسة لمجلس الوزراء وصدر خلالها اكثر من 1211 قرار كما صدر اكثر من 3700 مرسوم. كل الامور التي قمنا بها كانت بهدف الابقاء على عجلة الدولة وتسيير امورها، واعتقد ان الجميع شهدوا اننا استطعنا تمرير هذه المرحلة وحافظنا على استمرارية الدولة، وبشكل خاص من خلال العمود الفقري لها وهو الجيش بقيادة العماد جوزف عون وبالتعاون الذي حصل بيننا وبينه”.وتابع: “تحدثنا عن التحديات الموجودة وعن خطاب القسم الذي حدد التوجهات لاي حكومة جديدة من أجل تنفيذ ما ورد فيه عبر الخطوات الدستورية اللازمة. كما تحدثنا عن الوضع في الجنوب وضرورة اتمام الانسحاب الاسرائيلي السريع والكامل واعادة بسط الاستقرار في الجنوب ووقف الخروقات الاسرائيلية على لبنان”. وختم: “خلال اللقاء طلب فخامة الرئيس استمرار الحكومة في عملية تصريف الاعمال الى حين تشكيل الحكومة الجديدة ونأمل ان يكون تشكيلها باذن الله في اسرع وقت”.وردا على سؤال، قال: “هناك اجراءات دستورية يجب ان تقام، وعملا بالقول عند كل آذان صلاة، فعندما تحصل الاستشارات والتكليف فلكل حادث حديث”.
وعن موقف رئيس “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع من عدم الاتجاه لتسميته لرئاسة الحكومة المقبلة، قال: “نحن نقدّر كل الاراء والمواقف السياسية، ولكل انسان حرية قول ما يريد، وفي النهاية فان الاجراءات الدستورية ستأخذ مجراها”. وعن كلام الرئيس عون بحصرية السلاح في يد الدولة والقرار 1701 قال: “هل ننتظر من رئيس البلاد ان يقول ان السلاح مشرع للجميع؟ هل ننتظر من حكومة جديدة أن تقول ان السلاح مشرع بيد جميع المواطنين؟ نحن اليوم امام مرحلة جديدة تبدأ من جنوب لبنان وجنوب الليطاني بالذات، من اجل سحب السلاح وان تكون الدولة موجودة على كل الاراضي اللبنانية ويكون الاستقرار بدءا من الجنوب”.