خاص: اوديت ضو الاسمر
أقلّ ما يمكن وصف موازنة ٢٠٢٥ بانها نقطة عار جديدة في تاريخ الحكومة اللبنانية الحالية.
فكيف لأشخاص موكل إليهم رسم طريق إنقاذ ما تبقى من الوطن أن يكونوا هم أنفسهم من يدقّ المسمار الأخير في نعشه؟
إنها موازنة اقل ما يمكن وصفها بمخرج لائق لتغطية فساد الحكام و سرقتهم من خلال لجوئهم لجيوب المواطنين لتسديد عجزهم وكأنهم ليسوا من هذا الوطن ولا ينتمون إليه
![](https://cedarsvoice.com/wp-content/uploads/2025/01/cecad6a8-a031-46f2-b44c-42ca122134ac-1-300x271.jpg)
ولتسليط الضوء على كل هذه المخالفات، تواصل “موقع صوت الارز ” مع الباحث الاقتصادي الدكتور بلال علامة ، الذي أكّد ” أولًا و للأسف أن السلطة السياسية في لبنان هي سلطة لا تتحمل المسؤولية، إذ إن إبقاء الموازنة على هذا الشكل وانتظار مرور شهر كانون الثاني يبرهن على عدم اكتراثها بإعادة دراستها وتصويبها أو إعادة رسمها من جديد، وبالتالي إن الموازنة التي كانت مطروحة قبل هذه المرحلة لم تعد صالحة، و هي لم تكن صالحة أساسًا. فقد أشرنا منذ اليوم الأول لنشر مسودة هذه الموازنة إلى أنها ليست دقيقة، بل مجرد أرقام وجداول حسابية تُظهر إيرادات مقدرة بشكل مضخّم عن الواقع إلى جانب نفقات مركبة بطريقة تمنع معرفة حقيقتها أو دقتها”.
و تابع علامه: ” مع دخول لبنان، منذ مطلع الصيف، في حرب شعواء، كان الأجدى بان تعمد الحكومة الى أن تسترد هذه الموازنة وتعيد دراستها خاصة أن جميع النفقات منذ ذلك الحين وحتى نهاية السنة كانت من خارج الموازنة وبسلف الخزينة وهذا تحديدًا أحد أوجه الخلل الذي كان يحصل سابقًا.”
واشار علامه الى ان الموازنة التي نشرت مسودتها لم تُقر ولم تُحوَّل إلى المجلس النيابي، وهي ليست موازنة بالمعنى الحقيقي، إذ لا تحمل أي رؤية اقتصادية أو مالية أو إصلاحية. بل على العكس، كانت استمرارًا لإبقاء الأمور على حالها، خصوصًا أن الإنفاق المُحدد، ولا سيما الرواتب الإضافية والمبالغ المرصودة، لم تُحدد وجهة إنفاقها بشكل صحيح أو واضح.”
واكد علامه ان ما هو مطلوب اليوم هو إعادة نظر شاملة و توضيح كامل للأرقام الى جانب طرح موازنة جديدة تتضمن رؤية مالية، اجتماعية، واقتصادية، تظهر فيها عناصر الإصلاح، لوضع لبنان على مسار التعافي والازدهار من جديد.
و تابع من المؤكد أن أرقام الإيرادات المقدرة في موازنة ٢٠٢٥ لم تتحقق، خاصة بعد الانكماش الهائل الذي حدث نتيجة الحرب ورغم الجرعات الإيجابية التي نتجت عن انتخاب الرئيس جوزاف عون وتكليف القاضي نواف سلاف بتشكيل حكومة جديدة لكن مع عودة العراقيل الداخلية أعادت الأمور إلى المربع الأول و بالتالي تصبح الامور غير قابلة للتحقيق و لو بحدها الادنى
وبما يتعلق بإعادة الإعمار، فانه من الواضح أنه سيكون مؤجلًا، خصوصًا أن الدول التي تعهّدت بالمساعدة ربطت دعمها بتشكيل حكومة جديدة قادرة على إقرار حلول مالية واقتصادية الى جانب تطبيق إصلاحات جذرية.
فلا يمكن لأي مستثمر خارجي أن يساعد لبنان إذا استمر بالنمط نفسه.
من هنا، من البديهي أن إعادة الإعمار لم تُدرج في الموازنة، إذ انه سيتم التعامل معها من خارجها، سواء عبر تشكيل صندوق سيادي أو تسليم الملف إلى لجنة مستقلة عن الأطر النظامية، لا سيما وزارة المالية، وهذا ما يثير المخاوف.
وختم علامة بالقول: للأسف، لا يزال لبنان يعتمد الأساليب ذاتها التي انتهجها طوال العشرين سنة الماضية، ولم يتغير شيء حتى الآن.
الا اننا كلنا أمل أن يحمل العهد الجديد بشائر إصلاح حقيقية، ويقدم نموذجًا للعمل الوزاري الجاد والحوكمة الرشيدة، لتمكينه من السير على الطريق الصحيح في تعامله مع باقي دول العالم.