خاص – صوت الارز -انطوني الغبيره
بين الأمن والمخزون الإقتصاديين … الى متى سيستطيع لبنان الصمود؟
يعتبر الأمن الإقتصادي والذي يتجلّى من خلال خطط وسياسات موضوعة من قبل الدولة، صمّام الأمان الذي يحمي الشعب والتي تؤمّنه كواجب أساسيّ من واجباتها. في لبنان وخاصةً بعد الأزمة الإقتصادّية في العام 2019 والتي زعزعت اقتصاد لبنان، ظهرت نتائج السياسات الماليّة الخاطئة وغياب الخطط التنموية، تزعزع الأمن الإقتصادي مع ازدياد نسبة الفقر.
اليوم وبعد أسابيع من بداية العدوان على لبنان بدأ الحديث عن نَدرة المخزون لقطاعاتٍ أساسيّة. وبين الإقتصاد شبه المعدوم والحرب على لبنان الى متى نستطيع الصمود إقتصادياً؟
إجتماعات يوميّة يجريها الوزراء والجهات المعنيّة بهدف منع الشعب اللبناني من أن يموت سواء من الجوع أو من المرض، وبالطبع ليس من غارةٍ تستهدف الأحياء السكنية حيث العائلات البريئة تكون هي الضحيّة!
وبالرغم من انعدام الموارد الماليّة في الدولة اللبنانيّة، طمأن وزير الإقتصاد أمين سلام من خلال تصريحاته واجتماعاته أنّ المخزون الغذائي بالتحديد يكفي لأربعة أشهر تقريباً. كلام الوزير لم يُرح الشعب وسرعان ما تهافت المواطنون الى التسوّق والتموّن، ممّا دفع السوبرماركات إمّا الى رفع أسعار منتجاتها أو الى الغاء عروضاتها الأسبوعيّة. وهنا نسأل وزارة الإقتصاد عن مدى استطاعتها ضبط الإحتكار والتلاعب بالأسعار؟!
وبدورهما أصدرا نقيبا أصحاب السوبرماركت نبيل فهد ومستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي بياناً مشتركاً بعد اجتماعهما بمدير عام وزارة الاقتصاد لطمأنة الشعب اللبناني عن توافر مخزون المواد الغذائية لفترة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر، وانّ حركة الاستيراد لا تزال مستمرّة.
بالمقابل وفي حديثٍ خاص ل”صوت الأرز” أشار رئيس إتحاد التجارة في لبنان “أمين بشلي” أنّ قبل العدوان كان القطاع التجاري بحالة ركود اقتصادي ومتضرر بشكل كبير، أمّا اليوم أصبح القطاع منهار. وأنّه هناك نوعين من الصعوبات التجارية، الأولى إداريّة عبر آلية معقّدة من المعاملات الروتينيّة؛ أمّا الثانية هي حالة عدم الإستقرار الأمني وعدم الأمان الذي نعيشه اليوم، فالكيان الصهيوني يهمّه أن تتوقف حركة التجارة في لبنان كونه بلدٌ مُنافسٌ له.
وأضاف: “الخطورة اليوم كبرى بتوقيف عمليات الإستيراد بسبب الوضع الأمني، فالتجارة ترتكز على المنافسة وكيفية القيام بها في ظل سعر بدل نقل كبير وتأمين أكبر. القطاع التجاري اليوم شبه متوقّف!”
طمأنة اللبنانيين حول المخزون الغذائي ترافقت مع طمأنتهم حول المخزون الصحّي فالبيان الصادر عن نقيب مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات جوزيف غريب (LPIA يؤكّد أنّ المخزون العام للدواء المتوافر حاليا بين المستوردين والمؤسسات الصيدلانية يكفي لنحو خمسة أشهرٍ وأنّ الكمية المتوافرة حالياً لدى الشركات المستوردة للأدوية كافية لتلبية احتياجات السوق لأربعة أشهر.
من جهته أطلق نقيب العاملين والمستخدمين في القطاع الصحي “توفيق مدهون” في حديثه لموقعنا صرخة حول ضرورة تحييد المستشفيات من العدوان.
ونذكّر أنّ القوانين الدولية وخاصةً القانون الدولي الإنساني يحظّر إستهداف المدنيين والمستشفيات … إلخ، على عكس ما يجري اليوم في لبنان. فلا حسيبٍ ولا رقيبٍ يرحم أرواح شعوبٍ تعاني من هيمنة لا حدود لها.
وبين الأمنين الغذائي والصحيّ ومخزونهما الذي يكفي لمدّة أربعة أشهر تقريباً، يغيب الأمن التعليميّ والثقافيّ عن الجيل الجديد. مصير الطلاب مجهول فالبعض منهم بدأ عامه الدراسي بشكل طبيعي والبعض الآخر – أي طلاب المدارس الرسمية – سيستأنف العام في الرابع من تشرين الثاني، ولكن بأيّة طريقة في ظلّ تواجد أهالي الجنوب في المدارس الرسميّة؟ أمّا سؤالنا عن، مصير طلاّب الجنوب الذين دمّرت مدارسهم ومنازلهم لا من جوابٍ له.
للأسف ينعدم الأمن في لبنان مع توسّع الغارات التي تستهدف المدنيين، وتنعدم الإنسانيّة في ظلّ الإحتكار الذي يطال أهالٍ تركت منازلها قصراً وافترشت الشوارع ومراكز الإيواء. لربّما قد يكون مخزوننا في القطاعات الأساسية يكفينا لفترة وجيزة، ولكن ماذا لو توسّعت الحرب وتسكّرت الموانئ الحيويّة؟ ماذا لو حوصِرنا كما جرى في زمن السلطنة العثمانية؟