خاص – سينتيا عبدالله
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي من أبرز التطورات التكنولوجية التي شهدها العالم في القرن الواحد والعشرين.
ففي الواقع، لقد أخذت السوشيل ميديا، في السنوات الأخيرة، مكان الميديا التقليدية وانخرطت في ميادين مختلفة من التعليم إلى الترفيه، وحتى عالم الأعمال.
اتخذت مواقع التواصل جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، بحيث سهّلت لنا التواصل مع الأصدقاء والعائلة، وتبادل المعلومات والأفكار، وبالطبع جعلت العالم تلك “القرية الكونية” التي يشعر فيها الفرد بأنّه قادرٌ على الوصول بسرعة وبسهولة إلى أيّة معلومة في أيّ مكان من العالم.
فما بدأ في السابق بالمراسلات البريدية البسيطة عبر البريد الإلكتروني (e-mail)، قد توسّع ليصبح كونًا رقميًا مع منصات التواصل الاجتماعي التي أطلقتها عمالقة مثل ميتا وتويتر (إكس).
من أبرز هذه المواقع: نجد فيسبوك، تويتر، إنستغرام، تيك توك، يوتيوب وغيرها… التي تقدم خدمات متعددة مثل التفاعل مع المحتوى، نشر الصور والفيديوهات، وإبداء الآراء والتعليقات.
ومع تصاعد أهمية هذه المنصات بشكلٍ كبير، انتشرت ظاهرة المؤثرين (Influencers) في مواقع التواصل الاجتماعي حيث أصبحت هذه الظاهرة جزءاً أساسيّاً في العصر الرقمي.
وفي هذا السياق، كان لنا كلمة مع السيدة ريتا الخوري الباحثة في المجال الاجتماعي والسوشيل ميديا، والتي تحدثت إلى “صوت الأرز” عن عوامل عديدة ساهمت في الانتشار السريع للمؤثرين، منها: سهولة التواصل مع الجمهور، التفاعل الفوري مع المتابعين (Followers) من خلال البث المباشر (Live Streaming) الذي ابتكرته بعض المواقع، التحوّل إلى وسائل إعلامية بحيث أصبح بعض المؤثرين مصدرًا موثوقًا للخبر وعاملاً في انتشاره، استخدام مواقع التواصل للتأثير في القرارات الشرائية للمتابعين من خلال الترويج لمنتجات وخدمات، فقد عمد المؤثرون إلى استخدام منصاتهم للتسويق لعلامات تجارية عالمية مما ساعد في نموّهم وانتشارهم.
فمن هم أبرز المؤثرين في العالم لعام 2024؟
(Top 10 Influencers in 2024):
Cristiano Ronaldo, Selena Gomez, MrBeast, Lionel Messi, Kylie Jenner, The Rock, Ariana Grande, Kim Kardashian, Justin Bieber, Taylor Swift.
وأوضحت الخوري أنه كان لمشاريع هؤلاء المؤثرين وقع كبير في مختلف المجالات الرياضية والاجتماعية والإنسانية، كما في مجال الموسيقى وعالم الجمال والأزياء وأسلوب الحياة، وقد استخدموا مختلف منصات مواقع التواصل للعمل على نشر رسالتهم.
لقد أصبح للمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي مساحة من حياتنا اليومية، فمن منّا لا يتصفّح يوميات مؤثر معيّن ويترقّب نشاطاته الروتينية وسفره وأخباره؟ ومع ذلك، يحمل تأثيرهم جوانب إيجابية وأخرى سلبية.
وتحدثت الخوري عن إيجابيات وسلبيات انتشار “ترند” المؤثرين على مجتمعنا، وما تأثير نمط عيشهم على حياة الإنسان العادية.
فالإيجابيات بحسب الخوري هي:
التحوّل الثقافي: عبر نشر الأفكار الجديدة والخلاقة والترندات (Trends) التي من شأنها أن تخلق تغييرًا في سلوكيات المستهلك وتنعكس على السياسات الاقتصادية. نشر الثقافة والوعي: يستخدم المؤثرون منصاتهم لنشر حملات التوعية من مخاطر مرض معين أو للتركيز على مواضيع صحية وطبية وبيئية ومجتمعية من خلال نشر فيديوهات وصور أو تقديم نصائح وخبرة حياة لمختصين في تلك المجالات، مما يساهم في التغير الإيجابي للمجتمع. جمع التبرعات والحملات الخيرية: انتشرت في الفترة الأخيرة العديد من التحديات الرائجة (Trendy Challenges) التي حظيت بشعبية كبيرة في العالم، والتي هدفت لجمع الأموال والتبرعات أو لدعم قضايا وخلق موجة تضامن جماعية إنسانية، ودعم فكرة اتخاذ المبادرة. التسويق وعالم الأعمال: يشكّل المؤثرون مصدرًا للإلهام والمعلومات، كما يساعدون الشركات في الترويج لمنتجاتها بطرق مبتكرة، وتصبح الاستفادة من مواقع التواصل متبادلة للمؤثر وللشركات.
أما من الجوانب السلبية، فالمؤثرون يمكنهم:
نشر المعلومات الخاطئة: على المؤثر أن يكون مسؤولًا لجهة نشر معلومات غير موثوقة وغير صحيحة، لما في ذلك من تأثير سلبي في المجتمع لجهة خلق حالات من الهلع والإرباك بين الناس. نشر نمط الحياة الفاخرة والرفاهية: تعكس حياة المؤثرين الفخمة ومقتنياتهم عالية الجودة واستخدامهم لأشهر العلامات التجارية العالمية، وارتيادهم أفخر المنتجعات وأشهر المطاعم، في نشر ثقافة تُفْضِل المادية على القيم الإنسانية والعاطفية بين أفراد المجتمع، خاصة الشباب. التأثير على الصحة النفسية: يؤدي الإدمان على المحتوى المقدّم من المؤثرين إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية، بالإضافة إلى بعض المخاطر مثل نشر التأثير السلبي على معايير الجمال والسلوك. الترويج والتسويق للمنتج: يعمد المؤثرون للتسويق لبضائع ومنتجات عبر منصاتهم، وتكمن الخطورة في قدرتهم على إقناع متابعيهم بشراء هذه المنتجات، من دون الالتفات إلى أن هؤلاء المؤثرين يتقاضون أجرًا مقابل التسويق للمنتج، بغض النظر عن فعاليته وصحة مواصفاته. العزلة والاكتئاب: يؤدي الاستخدام الكبير لمواقع التواصل والمقارنة بالمؤثرين وبحياتهم المصطنعة وغير الحقيقية إلى التعاسة لدى المتابعين من الشباب، خاصة لجهة نشر ثقافة الوصول إلى المال والشهرة بالطرق السهلة والسريعة، بدون مجهود، وحتى بدون الحصول على شهادات تعليمية.
لقد غيّرت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل جذري طريقة تواصلنا مع العالم، وأثّرت في العديد من جوانب حياتنا، إن في المجال الشخصي أو المهني. وبالرغم من الفوائد الكبيرة التي تقدمها هذه المواقع في بناء العلاقات وتعزيز الوعي الاجتماعي، إلا أنها قد تحمل أيضًا بعض المخاطر إذا لم يتم استخدامها بحذر، مثل الإدمان على الإنترنت أو التعرّض للمحتويات السلبية.
من هنا تكمن المسؤولية في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتطلب ذلك توازنًا ووعيًا في التعامل معها لتحقيق الاستفادة منها وتجنّب آثارها السلبية.
والأهم التمتّع بالحسّ النقدي وتقييم المحتوى المقدم من المؤثرين والاستفادة من الجانب الإيجابي.
في النهاية، يجب التنبّه إلى أنّ الثقة بالنفس لا تُبنى من خلال عدد المتابعين أو عدد المشاهدات، بل من خلال نشر القيم البنّاءة والمفيدة