تصنيف لبنان على اللائحة السوداء ناقوس خطر حقيقي في وجه الحكومة

0
1127

خاص- اوديت ضو الاسمر

أمام الحكومة اللبنانية تحدٍّ جديد يُضاف إلى سلسلة التحديات التي تواجهها منذ تشكيلها والتي لم تتمكّن حتى اليوم من وضع خطة جديّة وفعّالة للخروج من المأزق المستمر منذ سنوات و ذلك لاسباب عدة .

فماذا يعني تصنيف الاتحاد الأوروبي للبنان على اللائحة السوداء؟
وما هي تداعيات هذا القرار؟
وهل سنُواجه خطر توقّف المشاريع الإنمائية المموّلة من الاتحاد الأوروبي؟

كل هذه الأسئلة طرحناها على المسؤول عن مشروع “DG FINS ACADEMY” في المديرية العامة للمالية العامة في البرلمان الأوروبي، والمستشار النيابي في البرلمان الفرنسي رالف الأطرش، الذي استهل حديثه لموقع صوت الارز بالقول إنه في حزيران/يونيو 2025، قرّر الاتحاد الأوروبي إدراج لبنان على اللائحة السوداء للدول “عالية المخاطر” في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

موضحاً أن هذا التصنيف لا يأتي من فراغ، بل يستند إلى توجيه أوروبي رسمي (Directive (EU) 2015/849)، المعروف بالتوجيه الرابع لمكافحة غسل الأموال (4th Anti-Money Laundering Directive)، والذي تم تعديله لاحقاً عبر توجيهات إضافية تهدف إلى حماية النظام المالي الأوروبي من تدفقات الأموال غير المشروعة.

مشدداً على أن إدراج لبنان على اللائحة السوداء يعني أن الاتحاد الأوروبي يعتبر النظام المالي والرقابي في لبنان غير كافٍ لمنع هذه الأنشطة. وهو تصنيف يستند إلى تقييمات دولية، لا سيما تلك الصادرة عن مجموعة العمل المالي الدولية (GAFI/FATF)، ويُظهر وجود قصور كبير في تطبيق المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

اما عن تداعيات هذا التصنيف على الدولة اللبنانية
فقسمها إلى عدّة محاور:

اولاً تعقيدات في التعاملات المالية والمصرفية
وبالتالي ستصبح البنوك الأوروبية والمؤسسات المالية ملزمة بإجراء تدقيق إضافي (Enhanced Due Diligence) عند التعامل مع أفراد أو شركات لبنانية، ما يجعل التحويلات المالية من وإلى لبنان أكثر تعقيدًا وبكلفة أعلى.

ثانياً ضرب سمعة لبنان المالية
إذ هذا التصنيف يعدم الثقة الدولية بلبنان، ويُعقّد جهود إعادة بناء الاقتصاد واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.

ثالثاً تأثير سلبي على الشركات اللبنانية:
إذ قد تواجه الشركات صعوبات في التعاملات الخارجية، من تأخير أو رفض للدفعات والتحويلات نتيجة للتشدّد الأوروبي.
رابعاً تراجع في العلاقات مع الأسواق المالية العالمية:
خصوصا من ناحية الوصول إلى التمويل الدولي، حيث قد تُفرض فوائد أعلى على القروض، نتيجة لارتفاع المخاطر المصرفية المرتبطة بلبنان.

أما عن تأثر المشاريع الإنمائية الأوروبية في لبنان فأوضح الأطرش أنه ليس بالضرورة أن تتوقف المشاريع الإنمائية المموّلة من الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر، لأن الاتحاد عادةً ما يفصل بين مساعداته التنموية وتقييماته الرقابية.
لكنه أشار إلى احتمال إعادة النظر في آليات تحويل الأموال، من خلال فرض رقابة أشدّ وضمانات إضافية للحد من الشبهات المالية، كما قد يُجمَّد أو يُؤخَّر صرف الأموال لبعض البرامج إذا سُجّلت ملاحظات تتعلّق بالشفافية.
وقد يشمل الأمر أيضًا تشديد الرقابة على المنظمات المحلية المنفّذة لهذه المشاريع، مما قد يُبطئ وتيرة التنفيذ.

وختم الأطرش حديثه بالتشديد على أن تصنيف لبنان على اللائحة السوداء يجب أن يكون بمثابة ناقوس خطر حقيقي يدعو إلى التعامل بجدية مع هذه الأزمة.
وشدّد على أهمية تعزيز الإطار القانوني والرقابي في لبنان، وتفعيل دور مؤسسات الرقابة المستقلة، والتعاون بشفافية مع الهيئات الدولية، ولا سيما GAFI والاتحاد الأوروبي.

و ما هو أهم من كل ذلك، أن يتخذ لبنان قرارات ملموسة وحاسمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويُثبت بالأدلة والتقارير أنه يعمل فعليًا على تجفيف منابع الفساد المالي والأنشطة غير الشرعية، أيًّا كان مصدرها أو الجهة المستفيدة منها، سواء كانت مرتبطة بجماعة كـ«حزب الله» أو بأي طرف آخر.
فاستعادة الثقة لا تأتي عبر التصريحات، بل من خلال خطوات عملية وجدية تعبّر عن إرادة سياسية حقيقية للخروج من العزلة المالية التي تُهدّد مستقبل البلاد.