أشعلت إسرائيل مناطق جنوبية واسعة بضربات عنيفة. فقد أغار الطيران الإسرائيلي على دفعات، مستهدفاً مناطق عدة، بعد تهديدات ودعوات إلى الإخلاء من جانب الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، وشملت الدفعات الأولى عيتا الجبل والطيبة وطيردبا وزوطر الشرقية وكفردونين. ليعلن بعدها الجيش الإسرائيلي أنه “أنجز شن سلسلة غارات استهدفت بنى تحتية ارهابية ومستودعات أسلحة تابعة لوحدة قوة الرضوان في جنوب لبنان. حيث يواصل حزب الله محاولاته لإعادة اعمار بنى تحتية ارهابية في جنوب لبنان مركزًا على محاولات اعادة اعمار قدرات الوحدة بهدف استهداف دولة إسرائيل”. وبعد الغارات المسبوقة بالإنذارات، استهدفت مسيرّة إسرائيلية منطقة “الدبش” في بلدة عيترون.
في حين نقلت القناة 12 الاسرائيلية عن مسؤول عسكري: أن “الهجمات في لبنان اليوم هي مجرد مقدمة والمجلس الوزاري المصغر يجتمع حاليا لبحث احتمال التصعيد مع لبنان. وفي حال لم لم يفكك جيش لبنان حزب الله سنهاجم في جميع أنحاء لبنان وحتى بيروت”.
في السياق، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أنه “خلال اجتماع المجلس الوزاري ستعرض على الوزراء محاولات حزب الله لإعادة تموضعه في لبنان”، موضحة أن “التصعيد رسالة بأنه طالما لم ينزع سلاح حزب الله فبإمكان إسرائيل أن تتجه إلى تصعيد كبير”.
كذلك نقل مسؤول عسكري إسرائيلي أنه “طُرح على اجتماع المجلس الوزاري الامني المصغر إن تعزيز قدرات حزب الله أسرع من تنفيذ الحكومة اللبنانية قرار نزع سلاحه وهو ما يجعل موجات الهجمات المقبلة أوسع تصل حتى بيروت”.
أمّا اللافت فكان فيما نقلته صحيفة “يديعوت أحرونوت” التي أشارت إلى أن “ما تطالب به إسرائيل يشبه وثيقة التفاهمات التي حصلت عليها مع اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان”. في مقابل ما أفادت به “القناة 12 الإسرائيلية” مساء اليوم الخميس، بأن “إسرائيل حددت موعدًا لانتهاء مهلة للحكومة اللبنانية لازدياد وتيرة عمليات نزع سلاح حزب الله والرقابة العسكرية تمنع نشر الموعد”.
عون لإسرائيل: وصلت رسالتكم
علق رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على التصعيد الإسرائيلي، معتبراً أن “ما قامت به إسرائيل اليوم في جنوب لبنان يعد جريمة مكتملة الأركان ليس فقط وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني الذي يجرم استهداف المدنيين وترويعهم وإجبارهم على النزوح من ديارهم، بل يعد كذلك جريمة سياسية نكراء، فكلما عبر لبنان عن انفتاحه على نهج التفاوض السلمي لحل القضايا العالقة مع إسرائيل كلما أمعنت في عدوانها على السيادة اللبنانية وتباهت باستهانتها بقرار مجلس الأمن رقم 1701، وتمادت في خرقها لالتزاماتها بمقتضى تفاهم وقف الأعمال العدائية”.
وأضاف عون: “مرّ قرابة العام منذ دخل وقف إطلاق النار حيز النفاذ وخلال تلك الفترة لم تدخر إسرائيل جهدا لإظهار رفضها لأي تسوية تفاوضية بين البلدين… وصلت رسالتكم”.
الجيش: الاعتداءات في الجنوب استمرار لنهج تدميري
من جهته، صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه بيان جاء فيه أنه: “أطلق العدو الإسرائيلي موجة واسعة من الاعتداءات في الجنوب، مستهدفا مناطق وبلدات عدة. إن هذه الاعتداءات المدانة هي استمرار لنهج العدو التدميري الذي يهدف إلى ضرب استقرار لبنان وتوسيع الدمار في الجنوب، وإدامة الحرب وإبقاء التهديد قائما ضد اللبنانيين، إضافة إلى منع استكمال انتشار الجيش تنفيذا لاتفاق وقف الأعمال العدائية.
على صعيد متصل، تؤكد القيادة أن الجيش يتابع التنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان – اليونيفيل، وأن الشراكة بين الجانبَين تبقى على درجة عالية من الثقة والتعاون”.
وقبيل التصعيد الخطير، أعلن الجيش الإسرائيلي: “بدأنا شن سلسلة غارات على أهداف عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان”. ووجه أدرعي بعد الغارات الإنذار الرابع لسكان جنوب لبنان، وتحديدًا في بلدة زوطر الشرقية، زاعمًا أنّ “الجيش سيهاجم خلال المدى الزّمني القريب، بنى تحتيّة عسكريّة تابعة لـ”حزب الله”، وذلك للتعامل مع المحاولات المحظورة الّتي يقوم بها الحزب لإعادة إعمار أنشطته في المنطقة”.
ولاحقاً، أصدر الجيش الإسرائيلي تهديداً جديداً بقصف مبنى في بلدة كفر دونين في قضاء بنت جبيل. والمبنى بالقرب من مقر قيادة فوج التدخل في الجيش اللبناني.
وتحدثت معلومات، أنّ الجيش اللبناني رفض إخلاء إحدى الثكنات العسكريّة في بلدة كفردونين، على الرغم من أنّ “اليونيفيل” طلبت منه ذلك، لأنّ المبنى الذي هدّد العدوّ الإسرائيليّ باستهدافه، يقع في مسافة أقلّ من 500 متر، عن ثكنة الجيش. لتقوم بعدها الطائرات الحربية الإسرائيلية بشن أكثر من غارة على المبنى المهدد في كفردونين.
الجدير ذكره أن اتصالات هاتفية يجريها العدو الإسرائيلي مع عدد من الأهالي في صور، بينما لا تزال المسيرات تحلق فوق بلدة طيردبا والعباسية والجوار.
كما عملت فرق الدفاع المدني وشرطة البلديات على منع السيارات من التوجه إلى بلدة طيردبا منعا لتعرضهم لخطر الاستهداف عند مداخل البلدة.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة، في بيان، أن “غارة العدو الإسرائيلي على بلدة طيردبا – قضاء صور، أدت إلى إصابة مواطن بجروح”.
دعوة لاغلاق المدارس في صور والنبطية
وبنتيجة التصعيد الإسرائيلي، دعت العديد من المدارس الخاصة في منطقة النبطية، إلى اقفال أبوابها غدا الجمعة وتعليق الدروس بسبب الأوضاع الراهنة، وكي لا يتم تعريض الطلاب والمعلمين لأي خطر.
كذلك أعلن مدير كلية العلوم – الفرع الخامس في الجامعة اللبنانية (النبطية وشعبة بنت جبيل) الدكتور وسيم رمال، أنه “نظرا للعدوان الصهيوني المستمر على قرى الجنوب وحمايةً لطلابنا والموظفين والأساتذة، سيتم تأجيل الامتحانات التي كانت مقررة يوم غدٍ الجمعة إلى نهار الثلاثاء 11 الحالي”.
إنذارات عاجلة
وكان أدرعي وجه إنذاراً عاجلاً إلى سكان جنوب لبنان تحديداً الطيبة وطيردبا، وجاء في البيان: “سيهاجم جيش الدفاع على المدى الزمني القريب بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله الإرهابي في أنحاء جنوب لبنان وذلك للتعامل مع المحاولات المحظورة التي يقوم بها حزب الله لإعادة إعمار أنشطته في المنطقة. نحث سكان المباني المحددة بالأحمر في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها في القريتيْن التاليتيْن: الطيبة وطيردبا”. وأضاف: “أنتم تتواجدون بالقرب من مباني يستخدمها حزب الله ومن أجل سلامتكم أنتم مضطرون لإخلائها فورًا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر. البقاء في منطقة المباني المحددة يعرضكم للخطر”.
ليصدر بعدها تحذير جديد لسكان عيتا الجبل. وجاء في بيان صادر عن أدرعي: “سيهاجم جيش الدفاع على المدى الزمني القريب بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله الإرهابي وذلك للتعامل مع المحاولات المحظورة التي يقوم بها حزب الله لإعادة إعمار أنشطته في المنطقة. نتوجه إلى سكان المبنى المحدد بالأحمر في الخريطة المرفقة والمباني المجاورة له: أنتم تتواجدون بالقرب من مبنى يستخدمه حزب الله الإرهابي فمن أجل سلامتكم أنتم مضطرون لإخلاء المباني فورًا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر”.
وأضاف أدرعي: “متابعة للإنذارات التي قمنا بإصدارها قبل قليل نوضح وخلافًا لبعض الإشاعات المتداولة أننا نحث فقط سكان المباني المحددة في الخرائط وتلك المجاورة لها بضرورة اخلائها. لم نصدر أي بيان حول اخلاء واسع لقرى في جنوب لبنان. نؤكد مجددًا ان البيانات الرسمية تنشر هنا”.
على صعيد متصل، أفادت القناة 7 الإسرائيلية نقلاً عن ضباط في الجيش الإسرائيلي أنه “لا يوجد أي قرار بتصعيد الوضع في جنوب لبنان”، و”نواصل نهجنا الصارم والمتشدّد في لبنان، ومنع حزب الله من إعادة بناء قدراته”. كما نقلت القناة 13 عن ضباط في الجيش الإسرائيلي أن “ما يجري هو استمرار لمنع حزب الله من إعادة بناء قدراته وليس تصعيدا”.
“سنفعل مع الحزب ما نحتاج إلى فعله”
في المقابل، قالت الحكومة الإسرائيلية، “لن نسمح لحزب الله بإعادة تسليح نفسه أو التعافي أو استعادة قوته”. وأكدت الحكومة “أن الحزب لن يكون تهديدا لدولة إسرائيل”، مشيرة إلى “أن أنشطة الحزب تشكل انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار، وسنفعل مع الحزب ما نحتاج إلى فعله”.
وبعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة والإنذارات المتتالية لبعض قرى جنوب لبنان، كشف الإعلام العبري أهداف هذه الغارات. وبحسب “هيئة البث الإسرائيلية” (كان)، “رصدت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة نشاطاً مفرطاً لحزب الله ومحاولاتٍ من التنظيم لإعادة بناء بنيته التحتية، وتهريب الصواريخ، وتجنيد عناصر جدد، بما في ذلك قوة الرضوان، وخاصةً في عمق لبنان”.
وبحسب هيئة البث، “تشن إسرائيل هجماتها في القرى القريبة من الحدود، ولا تسمح لحزب الله بترسيخ وجوده”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه “يستعد أيضاً لاحتمال رد حزب الله، حتى لو استمر القتال لأيام”، ويشير في الوقت نفسه إلى أن “التنظيم يدرك أن كل حادثة صغيرة، سيدفع حزب الله ولبنان ثمناً باهظاً مقابلها”.
من جهته، أعلن قائد المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي أنه “لن نسمح لحزب الله بتنظيم صفوفه على حدودنا”، مؤكداً “مصممون على مواصلة تدمير وإضعاف حزب الله”.
شهيد في طورا
وسبق ذلك أن شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، غارات استهدفت المنطقة الواقعة بين بلدتي طورا والعباسية، ولجهة الوادي الذي يقع لناحية بلدة طيردبا في قضاء صور، وهو ما أدى إلى سقوط شهيد.
وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أن “غارات العدو الإسرائيلي على بلدة طورا قضاء صور أدت في حصيلة أولية إلى استشهاد مواطن وإصابة 8 مواطن آخرين بجروح”.
وهرعت إلى المكان المستهدف سيارات الاسعاف، فيما سُجلت حالة هلع وخوف لدى الطلاب في مدارس معركة والعباسية وطورا وصور، جراء الغارة.
فيما يستمر الطيران المسيّر بالتحليق فوق أجواء البلدات الجنوبية، وعلى علو منخفض جداً فوق الضاحية الجنوبية لبيروت.
وإثر الغارة أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الجيش “هاجم عناصر إرهابية لحزب الله عملوا داخل بنية تحتية ارهابية تابعة لوحدة البناء في حزب الله. واستهدف الجيش مخربين في منطقة صور عملوا داخل بنية تحتية ارهابية تابعة لوحدة البناء التابعة لحزب الله”. وزعم أدرعي “لقد استخدمت البنية التحتية لإنتاج معدات لصالح اعادة اعمار بنى تحتية ارهابية تم استهدافها وتدميرها خلال الحرب”. وأضاف: “سيواصل جيش الدفاع العمل لإزالة أي تهديد على الأراضي الإسرائيلية”.
يأتي ذلك بعدما نقلت القناة 12 الإسرائيلية أن “الجيش الإسرائيلي يستعد لتدخل عسكري في لبنان بهدف إضعاف حزب الله”، معتبرة أن “التدخل الإسرائيلي في لبنان هدفه دفع الحكومة اللبنانية إلى توقيع “اتفاقية مستقرة” مع إسرائيل”.
اليونيفيل: شراكتنا مع الجيش أساسية
أكدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل”، التزامها المستمر بالتعاون مع الجيش اللبناني لتعزيز الأمن والاستقرار في جنوب لبنان.
وجاء في بيان صادر عنها: “نواصل التنسيق الوثيق مع الجيش اللبناني يوميًا، إذ يشكل العمل المشترك بيننا عنصرًا أساسيًا ومحوريًا في جهود الحفاظ على الاستقرار في المنطقة”.





