نقمة داخل بيئة “الحزب”… التعويضات لم تصل للجميع

0
17

وُعدت ميريام بالتعويض بعد الأضرار التي أصابت منزلها الصغير، إثر قصف مبنى مجاور في بلدة سرعين البقاعية. إلّا أن الأضرار التي تمّ تحديدها بـ 5000 دولار، وفق اللجنة الفنية التابعة لـ “حزب اللّه” المسؤولة عن الكشف، لم ترَ منها الصبية الثلاثينية إلّا 250 دولارًا.

تقول ميريام التي تعمل في ورشة خياطة وتتقاضى راتبًا لا يكفي لتأمين متطلّبات الترميم، من زجاج وأبواب وأثاث، “استدنت لتسكير الزجاج وترميم الأضرار الأساسية، فالتعويض الذي تقاضيته لا يكفي لجعل المنزل قابلًا للسكن لي ولوالدتي المسنة”.

حال ميريام يشبه حال كثيرين ممّن جارت عليهم الحرب الأخيرة، وأتت التعويضات التي وعد بها “حزب اللّه” ناسه أقلّ من المتوقع، أو لم تأتِ في حالات أخرى، كما يروي علي، وهو من بلدة رياق البقاعية: “في حيّنا الذي تعرّض للقصف ودُمّر عدد من منازله، أتت التعويضات استنسابية، هناك من حصل على حقه كاملًا بعد الكشف على الأضرار، وهناك من حصل على جزء من المبلغ الموعود، وبالفعل هناك من لم يحصل على شيء”. تحمّل الشاب الأربعيني خسائر كبيرة في المؤسسة التي يديرها (فضل عدم ذكر تفاصيلها من أجل أمنه الشخصي)، ووصلت إلى نحو 30 ألف دولار، تضاف إلى الدمار الذي حلّ بمنزله ومنازل إخوته وأهله وأعمامه. يسأل علي عبر “نداء الوطن”، “أدخلونا في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وتحمّلنا خسائر أكبر من طاقتنا، لأجل ماذا؟ ماذا ربحنا من هذه المعركة إلّا الدمار؟”.

بعد أكثر من سنة على انتهاء الحرب الأخيرة بين “حزب اللّه” وإسرائيل، ما زال كثيرون بانتظار التعويضات التي وعد بها “حزب اللّه” المتضرّرين، علمًا أنه دفع بدلات إيواء وأثاث للذين دمّرت بيوتهم ولكن لسنة واحدة فقط، ومع مرور هذه السنة، وعدم دفع مبالغ إضافية أو إعادة إعمار ما دُمّر، يزداد التململ داخل صفوف البيئة المؤيّدة لـ “الحزب”.

وينقسم المتضرّرون إلى قسمين: الذين تعرّضت منازلهم لأضرار جزئية، مقابل الذين خسروا بيوتهم، لا سيّما أبناء القرى الحدودية الذين لم يستطيعوا العودة أصلًا إلى أماكنهم حتى مع انتهاء الحرب. الأضرار الجزئية، أتت فرق فنية من “الحزب” وكشفت عليها، إنما بحسب مصادر مطّلعة “الدفع لم يكن عادلًا، بل خضع للاستنسابية، فمن يعرف فلان حصل على تعويض كامل، فيما لم يحصل كثيرون إلّا على الفتات”. ومن بين هؤلاء، رائدة التي قدّرت خسائر منزلها بـ 10 آلاف دولار، ولم تحصل إلّا على 2700 دولار “لا تكفي لترميم الزجاج، لكننا رمّمنا البيت على حسابنا الخاص، فلم نستطع الانتظار أكثر” تقول رائدة في دردشة مع “نداء الوطن”.

في المقابل، تحتاج إعادة إعمار الوحدات السكنية المنهارة كليًا والمقدّرة بـ 53 ألف وحدة سكنية في الضاحية والجنوب والبقاع، مبلغًا يقدر بـ 8 مليارات دولار، وفق “الدولية للمعلومات”، وهو ينتظر عملية إعادة الإعمار المشروطة بتسليم السلاح والإصلاحات. ووفق المعلومات فـ “حزب اللّه” دفع نحو 800 مليون دولار كبدل إيواء، يلحظ بدل أثاث وإيجار لمدة سنة لمن دُمّرت منازلهم كليًا. وتراوح المبلغ بين 12 و 14 ألف دولار بحسب ما أفاد عدد من هؤلاء المتضرّرين، منها 8 آلاف دولار بدل أثاث و 6 آلاف بدل إيجار مسكن (بمعدل 500 دولار شهريًا). وهي مبالغ بطبيعة الحال لا تساوي شيئًا إذا ما قورنت بالمنازل التي دمّرت بما فيها، والأبنية التي تساقطت وسوّيت بالأرض.

بحسب المحلّل السياسي علي الأمين، من “المفترض أن هناك استحقاقًا في بداية العام الثاني بعد الحرب، يتعلّق بدفع مبالغ الإيواء، وهذه المبالغ هي عبارة عن دفع إيجار سنوي، وتقدّر بأربعة آلاف دولار خارج العاصمة بيروت، وبستة آلاف دولار داخل العاصمة (الأثاث دُفع بدله سابقًا لمرة واحدة كما ذكرنا)، وهذه المبالغ لم تدفع بعد”.

ويتابع الأمين: “إلى جانب ذلك، هناك تعويضات وشيكات أعطيت في أيار وحزيران، لكنها لم تدفع بعد، وهي قد تتأخر حتى بداية العام المقبل. ونحن نلاحظ أن هناك حالة من التململ والضيق، وهناك خشية من عدم دفع هذه الأموال، لأسباب مختلفة، لكن هذا الأمر قد لا يصل إلى حد نقمة شعبية من بيئة الحزب نتيجة إخلال “حزب اللّه” في وعده بدفع التعويضات”.

يواجه “الحزب” وبيئته استحقاق إعادة الإعمار التي تأخرت، فيما ما زال نحو مئة ألف شخص خارج بيوتهم، بسبب الدمار. من هنا، يرى الأمين أن “الإخلال بمسألة الإعمار، يطرح مخاوف جدية من عدم تحقق ذلك، بخاصة في القرى والبلدات الحدودية المدمّرة بشكل شبه كامل”. ويعتبر أن “هذه المسألة أصبحت بيد الدولة، بخاصة أن “حزب اللّه” سحب يده ولم يعد يقدّم نفسه على أساس أنه سيعيد المناطق المدمّرة في الشريط الحدودي أجمل ممّا كانت، وهذا الأمر ينسحب إلى الضاحية وبعلبك ومناطق أخرى”. وخلق التشتت بمسألة إعادة الإعمار بحسب الأمين ” ضياعًا عند جمهور الحزب، الذي لم يعد يعلم على من يجب أن يكون الحق على الدولة أم على الحزب”.

التضييق المالي على “حزب اللّه”

لم تعد أزمة التمويل التي يواجهها “حزب اللّه” سرًا ، بظل التضييق الذي يتعرّض له، خصوصًا بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الذي كان يلعب دورًا بارزًا في تسهيل دخول الأموال والتهريب. اليوم، يواجه “الحزب” تضييقًا بريًا واضحًا، وقد قصفت إسرائيل المعابر غير الشرعية أكثر من مرة، كما أن السلطات السورية تبدو متشدّدة جدًا في موضوع التهريب. إضافة إلى ذلك، يواجه “الحزب” رقابة مضاعفة في مطار بيروت وعبر مرفأ بيروت، ولم يعد بالتالي قادرًا على إدخال الأموال “على راحته”. يضاف إلى ذلك التضييق المحلي والدولي (تحديدًا الأميركي)، الذي تتعرّض له مؤسساته المالية لا سيّما “مؤسسة القرض الحسن” التي تعتبر أحد أبرز أذرع “الحزب” المالية.

وفي ظلّ ذلك كلّه، تبدو التعويضات المستحقة وكذلك التغطية الاستشفائية والتعليمية ورواتب العناصر التي تتعثر أيضًا، بمثابة أثقال صعبة وقاسية ترهق “حزب اللّه”، في ظلّ تجفيف الكثير من مصادر تمويله ومحاصرة إعادة الإعمار بشروط قاسية… هذه المرّة.

باسكال صوما – نداء الوطن

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا