خاص – هل أصبح شبح التوطين أمرًا واقعًا؟

0
761

خاص : اوديت ضو الاسمر

اثارت خطة الحل التي تحدث عنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب للفلسطينيين (الترانسفير) جدلا واسعا لا سيما في ظل الضغط الذي يتعرض له العرب. فماذا عن لبنان؟ وهل يمكننا القول إن شبح التوطين أصبح أمرًا واقعًا خاصة بعد تلميح البعض إلى وجود مبالغ مرصودة له لمساعدته في حل أزمته الاقتصادية بشرط تسهيل عملية التوطين تمهيدًا لتجنيسهم فيما بعد؟

عن هذه الاسئلة أجاب الباحث و الكاتب السياسي بسام ضو في حديث لصوت الارز مؤكدا انه مبدئيًا هناك كلام رسمي صدر عن الإدارة الأميركية بشخص الرئيس ترامب عن موضوع الترانسفير ، وهذا أمر جدّي صادر عن سلطة رسمية دولية وتبعاته خطيرة جدًا على اكثر من مستوى:
اولا – على صعيد السلطة الفلسطينية الرسمية لأنه يُجهض مساعيها السلمية لإقامة دولة فلسطينية ، ويمنع الفلسطينيين في الشتات من العودة إلى الدولة المحددة لهم ضمن إطار حل الدولتين

ثانيا – هذا الموقف المتخذ من قبل الرئيس الأميركي ليس وليد الساعة بل هو نتيجة تراكمات منها سياسية، أمنية ،ديموغرافية، أصولية سمحت لهذه الإدارة من إتخاذ هذا الموقف وعلى ما يبدو إنه موقف لا رجوع عنه حيث كشف الرئيس الأميركي مضمون الترانسفير مشيرًا إلى دولتين ( مصر والأردن ) وربما سيؤول الأمر أيضًا إلى المملكة العربية السعودية .

ولفت ضو الى ان مفهوم الترانسفير ظهر نتيجة الصراع العسكري بعد إتفاقيات أوسلو ، وهذا يعني أنّ الإدارتين الإسرائيلية والأميركية قد إتخذتا قرار الترحيل وبصريح العبارة طرد السكان العرب من دولة فلسطين ، وهاتين الدولتين نتجية الحروب ( حرب 7 تشرين ) إنتهجتا سياسة مبطّنة : عسكرية تدميرية – ديموغرافية – إقتصادية ، تسعيان لتطبيقها وفقًا لمصالحهما وتحديدًا وفقًا لمصلحة اللوبي الإسرائيلي .

اما عن الضغط الذي تتعرض له الدول العربية لفت ضو الى ان هناك ضعفا عربيا في مقاربة القضية الفلسطينية دون نسيان مبادرة الملك السعودي “الأرض مقابل السلام ” ، ولكن هذه الخطة قوبلت بالرفض من جماعات أصولية برزت في قطاع غزة وإستطاعت تفشيل هذه المبادرة ، مما أسهم في إتخاذ هذا القرار الذي تتكلمون عنه .
وعلى ما أعتقد أنه لا خيارات وأوراق ضغط يملكها العرب لمواجهة خطة الرئيس الأميركي . وهناك غياب موقف حازم والخطورة مرحليًا تقع على كل من مصر والأردن كما أسلفنا .

وهنا طرح ضو سؤالاً : هل الشجب والإدانة يوصلان إلى محل ؟! ، طبعا لا .

الخطة على ما يبدو في تفاصيلها وصورها باتت مكتملة حيث أن الأميركي ينظر إلى قطاع غزة بأنه مجموعة عقارات سيتملكها عبر شركات إستثمارية . هناك من يُعوّلْ على القمة العربية المزمع إنعقادها ، لكن وفقًا لقنوات دبلوماسية كان الجواب :” إنها كسابقاتها لا تجدي نفعًا سيكون هناك بيان إنشائي فقط لا غير ” .

و تابع ضو : المشكلة أن الدول العربية لم تستطع مقاربة القضية الفلسطينية بموضوعية بل كانت المعالجات سطحية وأكثر من ذلك تركوا الموضوع الإرهابي يتصدر المعالجات وهذا أمر خطير لم يتم تداركه .

اما عن الموضوع اللبناني فاكد ضو ان هذا موضوع خطير يُداوى بالكلام المعسول وب”العواطف المهرية ” وإننا نخشى كمركز أبحاث PEAC من إمكانية تمرير التوطين علمًا أن هناك مساعي لمساعدات قد تصل إلى لبنان خصوصًا أنّ الجمهورية اللبنانية تعاني أولاً من العديد من الإنقسامات في موضوع التوطين ، ثانيًا إننا في ظل أزمة إقتصادية خانقة .

ولقد إطلعت عبر وسيلة إعلامية على موقف أحد المسؤولين الفلسطينيين وقد قال ما حرفيته ” الصفقة تتطلع لتوطين اللاجئين في البلدان المقيمين بها…” أضف إلى ذلك قالت إحدى الأعلاميات أيضًا ” لا مبرر لرفض التوطين غير المعادلات الطائفية … أنا مع توطين اللاجئين وتأجيل حقهم بالتصويت 20 أو 25 عامًا ” … إنّ ما يُحكى عن رفض التوطين سواء أكان على مستوى الدولة اللبنانية أو على مستوى الدول العربية هو أمر لا يُلبي الحد الأدنى من مواجهته . دائمًا الأمور تسير في العكس لأنّ الإنقسامات تفعل فعلها لا بل المصالح الخاصة أيضًا .
واشار ضو الى ما يلي : في الجمهورية اللبنانية يعيش حوالي مليون فلسطيني والمؤسف أنّ هذا الإحصاء ليس رسميًا لأنّ الدولة اللبنانية (دائمًا في حالة عجز ولم تسعَ يومًا إلى إحصاء الشعب اللبناني وكلما تحتاجين لإخراج قيد يكتب “وفقًا لإحصاء العام 1932” كيف سيكون هناك إحصاء رسمي عن أعداد الفلسطينيين اللاجئين في لبنان ) هؤلاء الفلسطينيون يعيشون في 12 مخيمًا موجودين على الأراضي اللبنانية والدولة عاجزة عن ضبط وجودهم ، لا بل لم تستطع تنفيذ ما طلبه منها الرئيس عباس أثناء زيارته للبنان حيث طالب بأن تكون هذه المخيمات تحت سلطة الدولة اللبنانية ( راجعوا زيارة محمود عباس وما قاله عبر وسائل الإعلام).

اما عن امكانية الوقوف في وجه عملية التوطين فلفت ضو الى انه من المؤسف أن الدولة اللبنانية عند مفاصل الأحداث تبدو عاجزة عن الصمود ، لا بل عاجزة عن فهم حقيقة ما يحصل أو لا إمكانية لديها لإستيعاب التطورات الحاصلة سواء أكان على صعيد المنطقة أو على صعيد الداخل . هناك عجز سياسي فاضح لا بل عجز متأصل في عقول من يتوّلون المسؤولية بفهمهم للوقائع التي تحصل على الأرض خاضوا حربا بالإنابة عن لبنان بحجة دعم غزة فأنتجت إحتلالاً لبعض أجزاء من قرى الجنوب وها هم اليوم يتملّصون منها ويتهربون من تواقيعهم وسترون وسنرى في الزيارة القادمة للسيدة “مورغان” ما ستكون التصاريح !! نحن في أزمة سياسية – أمنية – إقتصادية – ديموغرافية ، وهناك قصر نظر لدى المسؤولين لا بل عدم القدرة على مواجهة هذه المؤامرة أو إفتعال ضغوط معينة من شأنها ربما تأجيل أو إستبعاد شبح التوطين أو حتى إتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تداعيات أزمة التوطين .

وقال ضو “من يريد حلاً عليه أولا التفكير بموضوعية ومقاربة موضوع التوطين من ناحية صرف وطنية لبنانية لا طائفية – مذهبية ، ثانيًا في العام 2013 طرحنا كمجموعة مفكرين ومراكز أبحاث خطة تدريجية للفلسطينيين المقيمين في لبنان وقد لاقت إهتمامًا لدى البعض ولاقت رفضًا لدى القيّمين على السلطة في حينه والسبب أنهم يرديون “الورقة الفلسطينية ، ورقة إبتزاز وتسييس بين أيديهم ” .

وهنا يجب أن نذكر بالمرسوم الشهير الذي تضمّن أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين ، ولم يستطع أحدًا إبطاله كما إدعى الفلسطيني الذي أخد الجنسية بموجب المرسوم ومن المؤكد انه تزوج واصبح لديه عائلة واصبح لبنانيا منذ أكتر من عشر سنين واذا اراد الترشح يستطيع الدخول الى الحياة السياسية من الباب العريض.

حكمًا سنسعى بكل ما أوتينا من جهود دولية – عربية لإيجاد مخرج لأزمة التوطين كي لا تنعكس سلبًا على الواقع الديموغرافي – السياسي في لبنان ، نأمل أن نُوّفق هذه المرة وألاً نلقى إعتراضات في هذا الموضوع وللبحث صلة.