حاص صوت الارز -سينتيا عبدالله
في عالم يعاني من ويلات الحروب والصراعات، يتعرض الأطفال لمآسي تفوق قدرتهم على الفهم والتقبل
كل يوم، تُسجل أرواح بريئة تُزهق تحت وطأة القنابل وصوت الرصاص، دون أن يكون لهم ذنب في ما يجري
الأطفال، الذين يُفترض بهم أن يعيشوا طفولتهم في أمان ولعب، يُجبرون على مواجهة أهوال الحرب، مما يترك آثارًا نفسية عميقة قد تستمر معهم مدى الحياة
ان حالة الأطفال النفسية في الحروب هي من أكثر القضايا الحساسة والمعقدة
الأطفال هم الفئة التي تتأثر أكثر من غيرها بالصراعات المسلحة، حيث يتعرضون لمجموعة من الضغوط النفسية والاجتماعية التي تؤثر على نموهم وتطورهم
تتطلب حالة الأطفال النفسية في هذه الظروف اهتمامًا خاصًا من المجتمع الدولي، حيث يجب توفير الدعم النفسي والاجتماعي اللازم لهم، بالإضافة إلى برامج إعادة التأهيل والتعافي
من الطبيعي في هذه الفترة الصعبة التي يمر بها لبنان أن يشعر الأهل بالضياع وعدم القدرة على مساعدة أولادهم وكيفية التعامل مع الخوف والحزن، وحتى سماع أصوات الغارات المرعبة في وجود عدولاً يعرف التفرقة بين طفل وامرأة ومسن. هذه الأحوال المخيفة تسبب العديد من ردود الفعل عند الأطفال الذين شاهدوا الحادثة أو سمعوا صوتها القوي أو عانوا من التوتر نتيجة هذه الغارات المتكررة
ما هو دور الأهل في هذه الأوقات الصعبة؟ وضعت وزارة الصحة اللبنانية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية برنامجًا وطنيًا للصحة النفسية، وخاصةً للأطفال في الأزمات والحروب، ووضعت منها عدة نقاط على الأهل اتباعها لسلامة صحة أولادهم النفسية، بالإضافة إلى قائمة ما لا يجب فعله
فعلى الأهل أن يسمحوا لأولادهم بالبكاء أو الشعور بالحزن لمساعدتهم على المعالجة الصحية وردة الفعل الصحيحة. عليهم أيضًا الاستماع لأطفالهم والحديث معهم وطمأنتهم والإجابة على الأسئلة التي يطرحونها، وعدم القلق على نفسهم وعلى أحبائهم، وإعطائهم فرصة للتعبير عن مشاعرهم من خلال الكلام والكتابة والرسم. كما على الأهل الحد من مشاهدة الأخبار والتقارير والنقل المباشر أمام الأطفال لتفادي مشاهدة أحداث قد تكون قاسية على أعينهم
وتقول المعالجة النفسية دارين منصور لصوت الارز انه على الأهل أيضًا المحافظة على الروتين المعتاد للأطفال قدر المستطاع، وإعطائهم الفرصة للعب والنوم بشكل طبيعي، مع إعطاء انتباه خاص لأولاد الذين تعاني مشاكل في النوم.و تضيف أما ما لا يجب فعله، فعلى الأهل عدم الطلب من الأطفال التحلي بالشجاعة والقوة وعدم إظهار مشاعر قوية كالبكاء أو الغضب، وعدم التكلم عن تفاصيل الغارة أو الضربة أو الاستهدافات والاغتيالات، لعدم جر الأطفال على التحدث عن الأحداث أو مناقشتها إلى أن يصبحوا مستعدين لهذا الأمر
و اشارت ايضا انه في حال لاحظ الأهل وجود تغييرات في سلوكيات طفلهم، كالمشاعر القوية، خاصةً إذا استمرت هذه الأعراض لأكثر من بضعة أسابيع، كالكوابيس واسترجاع الأحداث والتبول اللاإرادي وتسارع نبضات القلب والتعرق، الزن والاكتئاب، فعلى الأهل التواصل مع المعالج النفسي بهدف المتابعة.
في الختام، صغارنا يتحملون عبئًا ثقيلاً نتيجة صراعات لا علاقة لهم بها
فمعاناتهم تتجاوز الأبعاد الجسدية، وهي تؤثر على صحتهم النفسية وتعيق فرصهم في النمو والتعلم.
من الضروري أن نعلم أن هؤلاء الأطفال هم أمل المستقبل، ويجب أن نعمل جميعًا على توفير بيئة آمنة لهم، تضمن حقوقهم وتساعدهم على التعافي. إن الاستثمار في صحة الأطفال وسعادتهم هو استثمار في السلام والاستقرار في المستقبل. يجب أن نتكاتف جميعًا من أجل ضمان أن لا يجبر أي طفل على تحمل تبعات الحروب وأن تعاد له حقوقه في حياة آمنة وسعيدة.